top of page

السينما الأردنية.. ما بعد الأوسكار

لست هنا بصدد كتابة تحليل سينمائي عن أسباب تطور السينما الأردنية أو أسباب نجاح ذيب و ترشحه لجوائز الأوسكار و لكن هذه الزاوية الشخصية التي أعبر فيها عن فترة من الزمن مررت فيها و أعيشها و لم تزد عن ١٠ سنوات التي هي مدة ارتباطي بهذه الصناعة.

السينما الأردنية.. ما بعد الأوسكار

في عام ٢٠٠٧ ضمن مهرجان دبي السينمائي جلست في اخر صف و بدون اي توقعات لمشاهدة فيلم أردني طويل و لأول مرة في قاعة سينما ممتلئة بالجمهور، كابتن أبو الرائد من إخراج أمين مطالقة كان نقلة نوعية في تاريخ السينما الأردنية، حيث انه أطلق عودة الحياة لصناعة الأفلام الأردنية الطويلة بعد عدة سنوات نمى فيها صناعة الأفلام القصيرة.

خرجت من السينما بشعور مختلط بين أين نحن من ١٠٠ عام من السينما و شعور بأمل انه و أخيرا هناك أشخاص شجاعة قررت بالمضي قدما في صناعة أفلام أردنية طويلة قد تستمر و تنمو. أعاد كابتن أبو رائد و معه عدة تجارب وثائقية مميزة السينما الأردنية على الواجهة العالمية و ساهم في خلق حوار عن مستقبل الأردن في صناعة الأفلام.

​​

و كان من الطبيعي أن ننتظر التطور لهذه العملية، لننتقل في الأردن لمرحلة متقدمة و الوصول للجمهور العام الذي يقبل ان يدفع تذكرة لمشاهدة فيلم محلي خصوصا أن صناعة المحتوى الأردنية خسرت العديد من المشاهدين بسبب تدني مستوى الإنتاج الدرامي التلفزيوني طبعا الا ما ندر من تجارب تاريخية و بدوية ساهمت بها شركات القطاع الخاص.

قدمت الأردن عدة أفلام ضمن البرنامج التدريبي لإنتاج الأفلام الطويلة و صندوق الأردن لدعم الأفلام المقدم من الهيئة الملكية للأفلام و الذي ساعد بتقديم العلامة الفارقة الثانية من تاريخ السينما الأردنية الحديثة بتجربة فيلم "لما ضحكت الموناليزا" لمخرجه فادي حداد، حيث إنطلق الفيلم في عدة مهرجانات منها دبي السينمائي عام ٢٠١٢.

شخصيا شاهدت الفيلم واقفا على درج مسرح الهيئة الملكية للأفلام مع مجموعة من أصدقائي حيث أن العدد فاق التوقعات و لكن لم يتحرك أحد لأن الفيلم إستطاع ربط المشاهدين مع كل تفصيلة قدمها حيث ظهر الفيلم بأسلوب متكامل بصريا و كأنه إندماج بين وودي ألن و سحر أفلام الأبيض و الأسود.

النقلة التي مثلها الفيلم عر ضه في السينمات المحلية حيث لاقى نجاح جماهيري مقبول لفيلم عربي و ليس فقط لمنتج محلي. مع أنه شهد بعض الأصوات النقدية المتمثلة بآراء تحليلية لمشاهداتهم من حيث تصويره للمجتمع الأردني و تكوينه، و لكن برأي خلق هذا النقد حوار بناء أضاف للفيلم و ساهم في إنتشاره.

و بعد "لما ضحكت الموناليزا" قدم الأردن عدة تجارب جالت المهرجانات العالمية و حازت على جوائز و لكن للأسف لم تستطع الوصول للجمهور المحلي بشكل مؤثر.

في عام ٢٠١٤ و من دون سابق إنذار سمع الجمهور الأردني عن فيلم محلي ينافس حول العالم و كان المفاجئ أن قصة الفيلم مستوحاة من البادية الأردنية و أبطالها سكان منطقة صغيرة في جنوب الأردن شخصيا لم أسمع بأسمها من قبل.

ذيب لمخرجه ناجي أبونوار قدم عناصر تقدم بشكل سنوي في الإنتاجات المحلية الأردنية لسنوات عدة في مسلسلات تلفزيونية رمضانية مميزة و لكن لم تستطع مخاطبة جمهور أوسع من هواة هذا النوع من الدراما.

تميز ذيب بتقديم تجربة إنسانية متمثلة بقصة عن صراع البقاء لا تقل وزنا عن تجارب عالمية منها فيلم

غير"ذيب" في شكل صناعة الأفلام الأردنية أكثر من مرة أولها فوزه بجوائز مرموقة فالعالم وثانيا تم توزيعه فيدول عربية عدة و أخرها ترشح الفيلم لجائزة Oscars وتعتبر من أهم جوائزالسينما العالمية على فئة أفضل فيلم أجنبي. وضع ذيب الأردن بعد ترشحه لهذه الجائزة بشكل يومي في مقالات التحليل السينمائي ليس فقط كحاضنة لموقع تصوير.

كما ذكرت في البداية هذه المدونة عبارة عن قطعة من تاريخ السينما الأردنية الحديثة من مشاهدات شخصية. فضولي دفعني الحديث مع أحد أهم العناصر التي و أنا أبحث عن المعلومات وجد أنها تربط تجارب الثلاث السابقة و التي أعتبرها شخصيا نقاط تحول في السينما الأردنية و تاليا بعض الأسئلة التي وجهتها لنادين طوقان المنتجة الأردنية و بدون مقدمات.

​​

ما هو شعورك إتجاه تطور السينما الأردنية من كابتن أبو رائد وصولا لذيب ؟

أنا فخورة جدا. انه لمن الرائع ان تكون جزء من هذه الرحلة الجميلة مع مجموعة من المبدعين المتفانيين و الدؤوبين في كل خطوة من هذه الطريق. وعلى فكرة شخصيا أحب كل المصاعب و التحديات التي وجهتني في كل المراحل و بشكل متساوي. كيف تختاري العمل بكل مشروع سينمائي ؟ هذا يعود للأشخاص و فريق العمل أولا. ثانيا اذا جذبتني النسخة الأولى من النص، إنها مرحلة معينة من النقاش عن الفيلم التي أشعر بها أنه المشروع المناسب في الوقت المناسب.

كيف يمكن إقناع الحكومة و القطاع الخاص بالإسثمار في الأفلام ؟

الأفلام التي شاركت فيها كانت مثالا يحتذى به. اذا كانت الحكومة والقطاع الخاص لا تزال بحاجة للإقناع، أنا في حيرة لما يمكنني ان اقدمه من اقتراحات. اعتقد انهم مقتنعين بالفكرة بالفعل. ما نحتاج إليه هو قرار جاد بالالتزام تجاه حلول مبتكرة لتحسين أوضاع هذه الصناعة الناشئة. انه عمل شاق، لذلك الفكرة ليست باقناعهم بقدر ما هي الكيفية والأسباب.

ما هي الميزانية المناسبة لصناعة فيلم أردني ؟

ليس هناك حقاً قواعد صعبة أو حدود معينة. كل شيء يعتمد على النصوص وقدرات المنتجين لخلق فرص بما لديهم.

لماذا فيلم ذيب ؟

بسبب باسل غندور، ناجي أبونوار و روبرت لويد مجموعة من المبدعين الدؤوبين الذين لا يقبلون الا الأفضل.

كيف جائت الفكرة ؟ يمكن توجيه السؤال لباسل، فقد كتب فيلم بدوي قصير في البداية، و قرأته انا بنفس الوقت كان قد ارسله لناجي لإبداء رأيه

و هل من البداية كان يغطي هذه الفترة الزمنية ؟

لا، بعد ذلك ناجي إنضم للفريق و عملا معا على تطوير الفيلم القصير لنص فيلم طويل. من أقنع من بالفكرة ؟

لم يحتاج أحد لإقناع أحد. فكنا أربعتنا كنا مرتبطين بالمشروع. التحدي كان كيف نصل الى مرحلة نملك به نص جيد نستطيع إنتاجه ضمن ميزانية معقولة نستطيع الوصول اليها في وقت زمني منطقي.

و كيف تطور فريق ذيب و وصل لما صل اليه ؟ العمل الجيد يجذب أشخاص رائعين. و ناجي أمضى سنوات عديدة يطور مهاراته ضمن تجارب عديدة. فقد كان هناك العديد ممن يقدروا مهارته و خبرته و كانوا مستعدين ليكونوا جزء من فيلم ذيب. بعض ممن عملوا في الفيلم قبلوا بتخفيض أجورهم و عملوا في ظروف صعبة و تقبلوا تأخير الدفعات المالية، ولكن الجميع كان مؤمن و شغوف. فريق عمل ذيب كان فعلا فريق الأحلام.

ماذا الذي يجب أن يحصل بعد " ذيب" بالسينما الأردنية؟

اليوم، في هذه اللحظة، أود ان اعلم بأن العديد من النصوص يتم العمل عليها و بأصرار، و يتم تنفيذها من قبل صناع الأفلام المثابرون. لقد رفع ذيب مستوى الإمكانيات الذي سوف يشجع أولائك لديهم الدافع للتقدم للأمام، مهما كانت التحديات.

إستثمار وطني محلي في المحتوى المرئي، و قنوات توزيع تساعد في وصول هذا المحتوى للجميع. صندوق تمويل مستدام يتشارك فيه القطاع الخاص و الحكومي لشراكة طويلة الأمد.

قد يراه البعض رأي غير معاصر، و لكن اجد انه مهم ضمن الشرخ الإجتماعي: أريد أن أرى مساحات لعرض الأفلام في كل مدينة و قرية أردنية، بأسعار في متناول الجميع. أريد أن يدخل صالة العرض الغريب و القريب و الأصحاب و الجيران و يستطيعوا الضحك و البكاء سويا، و يكونوا مصابين بخيبة أمل أو منبهرين سويا، ووجدوا انفسهم حيرة و شك، و كل هذه ضمن قصص يشاهدونها على شاشة السينما. أريد كل هذا يحصل كجزء أساسي في الحياة الإجتماعية، ليس فقط بعض الأفلام تزور بعض المدن من خلال عروض مهرجانات الأفلام.

و أتمنى ايضا ان تساهم النجاحات في السينما الى خلق جيل يستطيع التفوق في مجال المسلسلات للشاشة الصغيرة.

ما هي أهم لحظة لك خلال مسيرتك مع ذيب ؟

النقاش الذي حصل بعد القراءة الأولى للنص مع ناجي، باسل وروبيرت. تحدثنا أربعتنا عن النص وما يمكن عمله وكيفية تنفيذه. كانت النسخة الأولى من النص كبيرة جداً، وبنهاية حديثنا أدركت أننا كنا مستعدين واننا كوّنا فريقاً قويا والنص أصبح جاهزاً لعرضه على جهات التمويل والإستثمار. بالرغم من هذه العملية الطويلة والصعبة، لم نتردد منذ تجاوزناها.

ماذا يعني الأوسكار لصناعة الأفلام بالأردن ؟

أهم نقطة هي إثبات حقيقة انه من إمكاننا الوصول - لصناع الأفلام والداعمين والجمهور. أستطيع تذكر عام 2004، كان الناس يتسألون: "إلى أي مدى تعتقد أن الأفلام الأردنية؟ إلى أي حد نستطيع وضعها على خريطة المنافسة؟ ولماذا نريد فعل ذلك؟ "كابتن أبو رائد"، لأمين مطالقة، فاز بجائزة الجمهور بمهرجان صندانس للسينما العالم في عام 2008. وفي عام 2012، "لمّا ضحكت الموناليزا" لفادي حداد، قدم لنا فيلم جيد على ميزانية صغيرة جعل الحمهور المحلي يسعد و يقول "أخيرا، هذا الفيلم الذي يمثلنا". والآن "ذيب" لناجي أبو نوار، ترشح لجائزة بافتا وأوسكار.

الأفلام الثلاث تم عرضها في المهرجانات السينمائية العربية والعالمية قبل عرضها تجاريا، ولهذا اليوم هناك طلب مستمر لعرضها في مدارس الأفلام والجامعات في جميع أنحاء العالم. هناك جيل من صناع الأفلام القادرين، وجيل من الشباب الذين سيكبرون بمشهد وفرة الأفلام من الأردن ومن صناع الأفلام الأردنيين. لذا فاليوم الطريق مفتوح على مصرعيه للمواهب والعمل الجاد. لا توجد أعذار ولا حدود لما سنصل إليه.

*شكرا فادي غندور لصورة نادين طوقان و جاسر عيد في موقع تصوير ذيب.

** شكرا عبير بايزيدي للمساهمة في الترجمة.

Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
No tags yet.
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page